أطعنـا رسول الله ما كان بيننا | | فيــا لعبـاد اللـه , مـا لأبـي بكـر ؟ |
أيورثهـــا بكــرا إذا مــات بعـده | | فتلــك لعمـر الله قاصمة الظهر |
|
وقالت فرقة : نؤمن بالله . وقال بعضهم : نؤمن بالله ونشهد أن محمدا رسول الله ، ولكن لا نعطيكم أموالنا .
فجادل الصحابة أبا بكر رضي الله عنهم ، وقالوا : احبس جيش أسامة ، فيكون أمانا بالمدينة ، وارفق بالعرب حتى يتفرج هذا الأمر . فلو أن طائفة
- ص 255 - ارتدت ، قلنا : قاتل بمن معك من ارتد . وقد أصفقت العرب على الارتداد . وقدم على أبي بكر عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس في رجال من أشراف العرب . فدخلوا على رجال من المهاجرين ، فقالوا : أنه قد ارتد عامة من وراءنا عن الإسلام . وليس في أنفسهم أن يؤدوا إليكم ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن تجعلوا لنا جعلا كفيناكم . فدخل الصحابة على أبي بكر ، فعرضوا عليه ذلك . وقالوا : نرى أن تطعم الأقرع وعيينة طعمة يرضيان بها ، ويكفيانك من وراءها ، حتى يرجع إلينا أسامة وجيشه ، ويشتد أمرك ، فإنا اليوم قليل في كثير .
فقال أبو بكر : فهل ترون غير ذلك ؟ قالوا : لا .
قال : قد علمتم أن من عهد نبيكم إليكم : المشورة فيما لم يمض فيه أمر من نبيكم ، ولا نزل به الكتاب عليكم . وأنا رجل منكم ، تنظرون فيما أشير به عليكم . وإن الله لن يجمعكم على ضلالة . فتجتمعون على الرشد في ذلك .
فأما أنا : فأرى أن ننبذ إلى عدونا . فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . وألا ترشون على الإسلام ، فنجاهد عدوه كما جاهدهم . والله لو منعوني عقالا ، لرأيت أن أجاهدهم عليه حتى آخذه . وأما قدوم عيينة وأصحابه إليكم : فهذا أمر لم يغب عنه عيينة ، هو راضيه ، ثم جاءوا له . ولو رأوا ذباب السيف ، لعادوا إلى ما خرجوا منه ، أو أفناهم السيف ، فإلى النار . قتلناهم على حق منعوه وكفر اتبعوه . فبان للناس أمرهم .
فقالوا له : أنت أفضلنا رأيا ، ورأينا لرأيك تبع .
فأمر أبو بكر رضي الله عنه الناس بالتجهيز ، وأجمع على المسير بنفسه .
- ص 256 - وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما صدر من الحج سنة عشر - وقدم المدينة : أقام حتى رأى هلال المحرم سنة إحدى عشرة . فبعث المصدقين في العرب .