يـــا ســعاد الفــؤاد بنــت أثــال | | طـــال ليلـــي بفتنـــة الرجــال |
إنهـا يـا سـعاد مـن حـدث الده | | ر عليكـــــم كفتنــــة الدجــــال |
فتــن القــوم بالشــهادة والــل | | ه عزيــــــز ذو قـــــوة ومحـــــال |
لا يسـاوي الذي يقول من الأم | | ر قبــالا ومـا احـتذى مـن قبـال القبال : سير النعل . |
إن ديني دين النبي وفي القو | | م رجـال علـى الهـدى أمثالي |
- ص 272 - أهلـك القـوم محكم بن طفيل | | ورجـــال ليســـوا لنـــا برجـــال |
بـــز أمـــرهم مســـيلمة اليـــو | | م فلـن يرجـعوه أخـرى الليالي |
قلـت للنفس إذ تعاظمهـا الص | | بـــر وســـاءت مقالـــة الأنــذال |
ربمــا تجـزع النفـوس مـن الأم | | ر لــــه فرجـــة كحـــل العقـــال |
إن تكن منيتي على فطرة الل | | ه حنيفــــا فــــإنني لا أبــــالي |
|
فبلغ ذلك مسيلمة ومحكم وأشرافهم فطلبوه ففاتهم . ولحق بخالد . فأخبره بحالهم . ودله على عوراتهم .
وعظمت فتنة بني حنيفة بكذابهم . إذ كانوا يدعو لمريضهم ويبرك على مولودهم . ولا ينهاهم عن الاغترار به ما يريهم الله ما يحل به من الخيبة والخسران .
جاءه رجل بمولود فمسح رأسه . فقرع . وقرع كل مولود له .
وجاءه آخر فقال إني ذو مال . وليس لي مولود يبلغ سنتين حتى يموت إلا هذا المولود وهو ابن عشر سنين . ولي مولود ولد أمس . فأحب أن تبارك فيه وتدعو أن يطيل الله عمره . قال سأطلب لك . فرجع الرجل إلى منزله مسرورا . فوجد الأكبر قد تردى في بئر ووجد الأصغر في نزع الموت . فلم يمس ذلك اليوم حتى ماتا جميعا . وتقول أمهما : لا والله ما لأبي ثمامة عند إلهه منزلة محمد .
وحفرت بنو حنيفة بئرا فاستعذبوها ، فأتوا مسيلمة . وطلبوا أن يبارك فيها ، فبصق فيها فعادت ملحا أجاجا .
وكان الصديق رضي الله عنه قد عهد إلى خالد - إذا فرغ من أسد
- ص 273 - وغطفان والضاحية - أن يقصد اليمامة ، وأكد عليه في ذلك . فلما أظفر الله خالدا بهم تسلل بعضهم إلى المدينة ، يسألون أبا بكر أن يبايعهم على الإسلام . فقال بيعتي إياكم وأماني لكم أن تلحقوا بخالد . فمن كتب إلى خالد أنه حضر معه اليمامة فهو آمن . وليبلغ شاهدكم غائبكم . ولا تقدموا علي .
قال ابن الجهم : أولئك الذين لحقوا به : هم الذين انكسروا بالمسلمين يوم اليمامة ثلاث مرات وكانوا على المسلمين بلاء .
قال شريك الفزاري كنت ممن شهد بزاخة مع عيينة بن حصن . ثم رزقني الله الإنابة فجئت أبا بكر . فأمرني بالمسير إلى خالد . وكتب معي إليه .
" أما بعد فقد جاءني كتابك ، تذكر ما أظفرك الله بأسد وغطفان . وأنك سائر إلى اليمامة . فاتق الله وحده لا شريك له . وعليك بالرفق بمن معك من المسلمين كن لهم كالوالد . وإياك يا ابن الوليد ونخوة بني المغيرة . فإني عصيت فيك من لم أعصه في شيء قط ، فانظر بني حنيفة . فإنك لم تلق قوما يشبهونهم . كلهم عليك . ولهم بلاد واسعة . فإذا قدمت فباشر الأمر بنفسك . واستشر من معك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . واعرف لهم فضلهم . فإذا لقيت القوم . فأعد للأمور أقرانها . فإن أظفرك الله بهم فإياك والإبقاء عليهم . أجهز على جريحهم واطلب مدبرهم ، واحمل أسيرهم على السيف . وهول فيهم القتل . وحرقهم بالنار . وإياك أن تخالف أمري . والسلام " .
ولما اتصل بأهل اليمامة مسير خالد إليهم بعد الذي صنع بأمثالهم ،
- ص 274 - حيرهم ذلك . وجزع له محكم بن طفيل سيدهم . وهم أن يرجع إلى الإسلام . ثم استمر على ضلالته . وكان صديقا لزياد بن لبيد الأنصاري .
فقال له خالد : لو ألقيت إليه شيئا تكسره به ؟ فإنه سيدهم وطاعتهم بيده . فبعث إليه هذه الأبيات :
يــا محـكم بـن طفيـل قـد أتيح لكم | | للـــــه در أبيكـــــم حيــــة الــــوادي |
يـــا محــكم بــن طفيــل إنكــم نفـر | | كالشـــاء أســلمها الــراعي لآسـاد |
مـا في مسيلمة الكذاب من عوض | | مـــــــن دار قـــــوم وإخـــــوان وأولاد |
فـــاكفف حنيفــة عنــه قبــل نائحـة | | تعفـي فـوارس قـوم شـجوها بادي |
لا تــــأمنوا خـــالدا بـــالبرد معتجــرا | | تحت العجاجة مثل الأغطف العادي |
ويــــل اليمامـــة ويـــل لا فــراق لــه | | إن جالت الخيل فيها بالقنا الصادي |
واللــــه لا تنثنـــي عنكـــم أعنتهـــا | | حــتى تكونـوا كـأهل الحجـر أو عـاد |
|
- ص 275 - ووردت على محكم وقيل له هذا خالد في المسلمين .
فقال رضي خالد أمرا ، ورضينا غيره . وما ينكر خالد أن يكون في بني حنيفة من أشرك في الأمر ؟ فسيرى - إن قدم علينا - يلق قوما ليسوا كمن لقي .
ثم خطبهم فقال إنكم تلقون قوما يبذلون أنفسهم دون صاحبهم فابذلوا نفوسكم دون صاحبكم . وكان عمير بن ضابئ في أصحاب خالد . ولم يكن من أهل حجر كان من أهل ملهم
. فقال له خالد : تقدم إلى قومك فاكسرهم .
فأتاهم فقال : " يا أهل اليمامة ، أظلكم خالد في المهاجرين والأنصار . قد تركت القوم والله يتبايعون على فتح اليمامة . قد قضوا وطرا من أسد وغطفان ، وأنتم في أكفهم . وقولهم " لا قوة إلا بالله " إني رأيت أقواما إن غلبتموهم بالصبر غلبوكم بالنصر . وإن غلبتموهم على الحياة غلبوكم على الموت . وإن غلبتموهم بالعدد غلبوكم بالمدد . لستم والقوم سواء . الإسلام مقبل والشرك مدبر . وصاحبهم نبي وصاحبكم كذاب . ومعهم السرور ومعكم الغرور . فالآن - والسيف في غمده والنبل في جفيره - قبل أن يسل السيف ويرمى بالسهم " فكذبوه واتهموه .
وقام ثمامة بن أثال فيهم . فقال : " اسمعوا مني وأطيعوا أمري ، ترشدوا . إنه لا يجتمع نبيان بأمر واحد . إن محمدا لا نبي بعده ولا نبي
- ص 276 - يرسل معه . ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم
حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير الآيات 1 ، 2 ، 3من سورة غافر . هذا كلام الله عز وجل . أين هذا من : يا ضفدع يا ضفدعين . نقي كم تنقين ؟ نصفك في الماء ونصفك في الطين . لا الشراب تمنعين ولا الماء تكدرين ولا الطين تفارقين . لنا نصف الأرض ولقريش نصفها . ولكن قريشا قوم يعتدون . والله إنكم لترون هذا ما يخرج من إل
. وقد استحق محمد أمرا أذكره به خرجت معترا ، فأخذتني رسله في غير عهد ولا ذمة . فعفا عن دمي . فأسلمت وأذن لي في الخروج إلى بيت الله . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقام بهذا الأمر رجل من بعده هو أفقههم في أنفسهم . لا تأخذه في الله لومة لائم . ثم بعث إليكم رجلا ، لا يسمى باسمه . ولا باسم أبيه يقال له : " سيف الله " معه سيوف الله كثيرة ، فانظروا في أمركم " .
فآذاه القوم جميعا ، أو من آذاه منهم . وقال ثمامة في ذلك :
مســـيلمة ارجـــع ولا تمحـــك | | فـــإنك فــي الأمــر لــم تشـرك |
كــذبت علــى اللـه فـي وحيـه | | وكــــان هـــواك هـــوى الأنــوك |
ومنــــاك قــــومك أن يمنعـــوك | | وإن يـــــــأتهم خـــــالد تـــــترك |
فما لك من مصعد في السماء | | ومـا لك في الأرض من مسلك |
|